بيروت, 3 نوفمبر/تشرين الثاني 2018- برعاية دولة رئيس مجلس الوزراء السيد سعد الحريري, و بالشراكة مع وزارة الإعلام, أقام البارحة مكتب اليونسكو الإقليمي للتربية في الدول العربية –بيروت ندوة إقليمية بعنوان: “تعزيز التعاون الإقليمي لإنهاء الإفلات من العقاب للجرائم والاعتداءات ضد الصحفيين في العالم العربي” و ذلك بمناسبة اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب للجرائم والاعتداءات ضد الصحفيين.
جمع هذا الحدث أكثر من 150 مشاركاً من بينهم صحافيون وناشطون في مجال حقوق الإنسان وممثلون عن الأجهزة القضائية و عن منظمات غير حكومية ومنظمات ونقابات الصحفيين والمحررين واللجان الوطنية لحقوق الإنسان ووسائل الإعلام وأعضاء هيئات المجتمع المدني من جميع أنحاء المنطقة العربية، لا سيما في الدول الأعضاء التي شهدت عدداً كبيراً من حالات قتل الصحفيين خلال السنوات الاخيرة. وهدفت هذه الندوة الإقليمية الى تعزيز التعاون بين جميع الجهات الفاعلة لوضع حد للإفلات من العقاب، عبر تعميق الخبرات في هذا المجال و تقاسمها¸و تعزيز التفاهم المتبادل بين هذه الجهات وتحديد السُبُل و الخطوات والتدابير الملموسة التي ينبغي اتخاذها من أجل تعزيز المكافحة ضد الافلات من العقاب في ما يتعلق بالجرائم والاعتداءات ضد الصحفيين في العالم العربي.
الجلسة الإفتتاحية
وفي الجلسة الإفتتاحية, ألقى مدير مكتب اليونسكو في بيروت الدكتور حمد الهمامي كلمة ترحيبة قال فيها : “ياتي لقاؤنا اليوم ومنطقتنا العربية تعاني من ويلات الازمات وما تخلفه من خراب ودمار وزهق للارواح بمافيهم الصحفيين الذين يؤدون دورهم في نقل الحقائق للعالم ومع الاسف يفلت الجاني من العقاب“. وأشار الهمامي الى أنّ: “سلامة الصحفيين هي من أولويات منظمة اليونسكو، ممثلا بقطاع الإتصال والمعلومات بشكل خاص. من هنا، كان العمل على خطة عمل لسلامة الصحفيين ومسألة الإفلات من العقاب التي اعتُمِدَت من قِبَل المجلس التنفيذي للأمم المتحدة في عام 2012. ومن ذلك الحين، العمل جاري مع كافة الشركاء لوضع هذه الخطة موضع التنفيذ، وعلى كافة الأصعدة الدولية والإقليمية والمحلية. وبدأت تظهر هذه النتائج من خلال زيادة الوعي، وبناء القدرات والعمل مع الجهات المختصة مثل الجهة القضائية والقوى الأمنية. وبالطبع أيضاً، جاء الإعلان عن يوم عالمي لإنهاء الإفلات من العقاب للجرائم والهجمات ضد الصحفيين في 2013 كإحدى نتائج هذه الجهود، لخلق دعم وزخم من قِبَل جميع الجهات المعنية بتعزيز وحماية حرية التعبير وسلامة الصحفيين“.
من ناحيته قدّم السيد معّز شكشوك، مدير عام مساعد لقطاع الاتصالات والمعلومات في اليونسكو, ملاحظات تمهيدية و قال: “نحن مجتمعون هنا اليوم في لبنان، وهو دولة لم تكن محصنة ضد العنف والحروب التي ضربت المنطقة، لنشيد بالصحفيين الذين قُتلوا أثناء أداء واجبهم ولنبني الزخم لتحقيق العدالة من أجلهم. إننا نتفق جميعًا على أنه ينبغي أن يتسنّى للصحفيين أن يقوموا بواجباتهم بأمان ومن غير ان ينتابهم أي خوف. غير أن مستوى الإفلات من العقاب للجرائم المرتكبة ضدهم لا يزال مرتفعاً بشكل رهيب، بمعدّل يقلّ عن قضية واحدة تحال الى العدالة من أصل تسع“. وأضاف: “إن القدرة على الوصول إلى المعلومات ومشاركتها بحرية هي حجر الزاوية للديمقراطية. فإن الإفلات من العقاب على الجرائم والاعتداءات ضد الصحفيين يدمر مجتمعات بأسرها لأنها تخفي انتهاكات جسيمة لحقوق الإنسان والفساد والجرائم“.
كما تحدّث شكشوك عن المبادرات التي قامت بها منظمة اليونسكو للحدّ من الإفلات من العقاب للجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في العالم العربي و لتغيير الوضع على الأرض بالنسبة للصحفيين: “في المنطقة العربية، عملت اليونسكو منذ عام 2015 في الأردن مع محامين وصحفيين لتعزيز المهارات القانونية المهنية في دعم القضايا المتعلقة بالإعلام. كما دعمت المنظمة آلية داخل نقابة الصحفيين التونسيين لمراقبة الهجمات ضد الصحفيين. في لبنان, أطلقت اليونسكو العام الماضي مع الاتحاد الدولي للصحفيين وبالتعاون مع مديرية التعليم العالي مقرر نموذجي حول سلامة الصحفيين موجهة لطلاب الصحافة ومكيفة مع المنطقة العربية. وقد تم اعتماد هذا المنهج الجديد من قبل العديد من الجامعات في لبنان وفلسطين والجمهورية العربية السورية وسيتم توسيعه ليشمل في المستقبل جامعات أخرى تدرّس الصحافة. منذ عام 2017، عملت اليونسكو وشركاؤها مع وكالات إنفاذ القانون في فلسطين لتوفير دورات تدريبية تسلّط الضوء على أهمية إقامة علاقات مهنية مع الصحفيين وضمان سلامتهم. “
وأشار شكشوك الى أهمية هذه الندوة الإقليمة: “يمثل هذا الاحتفال باليوم العلمي لإنهاء الإفلات من العقاب من خلال مؤتمر إقليمي في المنطقة العربية مواصلة سلسلة الحلقات على المستوى الإقليمي في هذا الموضوع. من خلال هذا الحدث الذي يجمع الاعلاميين والسلطات العامة والمجتمع المدني وغيرهم من الاطراف المعنية للسعي وراء العدالة، نهدف إلى ضمان سلامة الصحفيين ومكافحة الإفلات من العقاب.”
بعدها كانت كلمة راعي الحفل دولة الرئيس سعد الحريري ممثّلا بمعالي وزير الإعلام ملحم الرياشي قال فيها: “إنّ هذا العالم العربي الذي يختزن في بطنه ثروات كبيرة وكثيرة وغنية جدا يفتقر الى التقدم لأنه يفتقر الى الحرية و الى الكلمة الحرة“. وتابع: “اطلب باسمي وباسم دولة الرئيس ان نرفع مستوى المواجهة بدفاعنا عن الاعلام وعن الصحافي في هذا العالم الى مستوى المواجهة لاي سلاح كيميائي في العالم. فعندما يضرب السلاح الكيميائي في مكان ما تتحرك كل دول العالم للدفاع ولمواجهة من يستعمله. إنّ استعمال العنف ضد الاعلامي هو كاستعمال السلاح الكيميائي ضد الناس ويجب التعاطي مع هذه الحقيقة ونقل قضية الاعلاميين من اليونسكو اي منظمة الامم المتحدة الى مجلس الامن في الامم المتحدة للدفاع عن الاعلاميين ومنع افلات الذين يعنفونهم او يقتلونهم من العقاب.” وأردف: ” إنّ الإعلام هو محكمة الرأي العام ويبدو ان أنظمة عديدة ودول عديدة تخشى هذه المحكمة لذلك تحاول وأدها في مهدها“. وختم بالقول: “أوجّه تحية كبيرة لمؤتمركم عسى أن يخرج بتوصيات مفيدة لنا جميعاً وللبنان ولكل العالم العربي ومفيدة للعالم ويقدم شهادات مختلفة عن اهمية حرية الرأي و الدفاع عنها لبناء مجتمع افضل. لا يسعني في الختام الا ان أوجه تحية باسم دولة الرئيس سعد الحريري لكم جميعاً و تحية لشهداء الصحافة في العالم العربي وفي لبنان خصوصاً وعلى رأسهم جبران تويني وسمير قصير والشهيدة الحية مي شدياق“.
حلقات الندوة
تضمّنت الندوة أربع جلسات عالجت جميع جوانب موضوع الإفلات من العقاب للجرائم المرتكبة ضدّ الصحفيين.
قدّمت الجلسة الأولى بعنوان ” الصحفيون، من شهود إلى ضحايا في أوقات النزاع” لمحة عامة عن الوضع في العالم العربي في ما يتعلق بالجرائم والاعتداءات المرتكبة ضد الصحفيين بالاضافة الى موضوع الافلات من العقاب. تخلّلت الجلسة, التي أدارها السيد ربيع الشاعر، رئيس فريق القانون الدولي العام، علم وشركائه, ملاحظات تمهيدية من السيدة ألبانا شالا، رئيسة فريق البرنامج الدولي لتنمية الاتصالات – اليونسكو, كما تحدّث في الجلسة كل من: السيد سلطان بن حسن الجمالي، المدير التنفيذي للشبكة العربية للمؤسسات الوطنية لحقوق الانسان؛ السيدة عبير سعدي، نائب رئيس الرابطة الدولية للنساء في الإذاعة والتلفزيون/ جامعة دورتموند؛ السيدة هلا قدماني، صحافية فرنسية– سورية في صحيفة “ليبيراسيون” ؛ و السيد كمال لبيدي، صحفي، ورئيس جمعية “اليقظة من أجل الديمقراطية والدولة المدنية” التونسية.
أما الجلسة الثانية بعنوان “مكافحة الافلات من العقاب في لبنان: استعراض الإنجازات والتحديات” فتناولت الانجازات والتحديات في مكافحة الافلات من العقاب في لبنان وناقشت ميزّات الحماية الوطنية وآليات الرصد الموجودة أو التي قد تُنشأ لمكافحة الإفلات من العقاب. أدارت الجلسة الإعلامية جيزيل خوري, رئيسة مؤسسة سمير قصير, و تحدّث فيها كل من: العميد جوزيف مسلّم، من قوى الأمن الداخلي؛ الاستاذ غسان مخيبر، محام ونائب سابق؛ و السيد جورج غالي، المدير التنفيذي لجمعية ألف.
عالجت الجلسة الثالثة بعنوان “تحقيق العدالة في مناطق الصراع، الآن وغداً” مسألة الوسائل المطبقة لتحقيق العدالة في ما يتعلق بقتل الصحفيين حالياً وفي المستقبل، بما في ذلك حالات اعتداء ضد صحفيين في مناطق الصراع، حيث امكانية التدخّل القانوني الفوري محدودة. وتضمّنت الجلسة, التي تولّت إدارتها السيدة ليلى مولانا آلن، المراسلة الاقليمية لفرانس ميديا موند, مداخلات كل من: اللواء سعد معن، الناطق باسم وزارة الداخلية العراقية، وعضو في اللجنة إنهاء الإفلات من العقاب؛ السيدة لما فقيه، نائب مدير منظمة رصد حقوق الإنسان للشرق الأوسط وشمالي افريقيا ومديرة مكتب بيروت؛ السيد مازن شكورة، نائب مدير المكتب الاقليمي لمفوضيّة الأمم المتّحدة السامية لحقوق الإنسان ؛ السيد أنطوني بيلانغور، امين عام اتحاد الدولي للصحفيين.
أمّا الجلسة الأخيرة, فبحثت في “مسار العمل في المستقبل، بما فيه الوقاية والتوعية وتعزيز القدرات“. أدارت الجلسة الكاتبة و الصحفية ديانا مقلّد، و كانت مداخلات لكل من: السيدة سيلفي كودراي، رئيسة قطاع حرية التعبير، اليونسكو؛ السيد خالد خليفات، محامي، مدير فريق الحقوق للقانون والدراسات، الأردن؛ السيد توبي ماندال، المدير التنفيذي لمركز الحقوق والديمقراطية؛ السيد زياد دبّار، رئيس وحدة الرصد حماية الصحفيين التابعة لاتحاد الاصحافيين التونسي؛ السيد خالد ابراهيم، المدير التنفيذي لمركز الخليج لحقوق الإنسان؛ السيد هادي الخطيب، مؤسس ومدير المحفوظات السورية ؛ و السيد ناصر أبو باكر, نقيب الصحفيين الفلسطينيين.
التوصيات
وأتت توصيات الندوة كالتالي:
- إقرار تشريعات رادعة للأعمال الجرمية ضدّ الصحفيين
- مطالبة المنظمات الدواية بتنظيم عدد أكبر من المؤتمرات لحماية الصحفيين ومتابعة التوصيات المنبثقة عن هذه المؤتمرات
- وضع سياسات داخل المؤسسات الاعلامية لحماية الصحفيين
- إيلاء الاهتمام بالصحفيين المستقلين الذين لا تحميهم المؤسسات الصحفية كما يجب
- تهيئة بيئة قانونية في لبنان تسمح بوجود صحافة استقصائية و تضمن سلامة الصحفيين
- حض الدول الاعضاء على وضع نيابات متخصصة في التحقيق في قضايا الاعتداءات وحماية الصحفيين
- اتخاذ كافة التدابير الحمائية والوقائية للصحفيين عند تغطيتهم لمناطق النزاع
- اعادة النظر في قوانين التشهير التي يمكن ان تستخدم ضد الصحفيين ومقاضاتهم وفقها الامر الذي يحد من فضاء الحرية والتعبير.
- على المجتمع الدولي ان يتحرك لحماية الصحفيين الفلسطينيين لأن اي مساس بحرية الصحفي وحياته هي جريمة
- تفعيل خطة عمل الامم المتحدة لسلامة الصحفيين و مسألة الإفلات من العقاب
عن اليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين
يتم الاحتفال باليوم العالمي لإنهاء الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين في 2 نوفمبر من كل عام, منذ أن أعلنت الجمعية العامة للأمم المتحدة هذا اليوم في قرارها A / RES / 68/163 في دورتها 68 في عام 2013.
وفقاً لإحصاءات اليونسكو، من بين 1،010 صحفي قتلوا من عام 2006 حتى عام 2017 ، حالة واحدة من اصل تسعة حالات تم الحكم بها. بحسب هذه الإحصاءات, إن المنطقة العربية تستأثر بأكبر عدد من عمليات قتل الصحافيين، حيث قتل 338 شخصاً بين عامي 2006 و 2016. مع نسبة 1.5٪ فقط من الجرائم ضد صحفيين في المنطقة يتم حلها، فإن المنطقة العربية مسؤولة أيضًا عن أعلى معدل للإفلات من العقاب بين مختلف مناطق العالم.
إن هذا المستوى المرتفع من الإفلات من العقاب على الجرائم المرتكبة ضد الصحفيين يفرض أجواء من الخوف ليس فقط على عاملي وسائل الإعلام، ولكن أيضا على المجتمع ككل، مما يضر بحرية تداول المعلومات، والتعبير عن الآراء والأفكار لجميع المواطنين.